الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل في أسرار الصوم وشروطه الباطنة: قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله:اعلم أن الصوم ثلاث:درجات صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص.وأما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة كما سبق تفصيله.وأما صوم الخصوص فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.وما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا حتى قال أرباب القلوب من تحركت همته بالتصرف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه كتبت عليه خطيئة فإن ذلك من قلة الوثوق بفضل الله عز وجل وقلة اليقين برزقه الموعود وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين ولا يطول النظر في تفصيلها قولا ولكن في تحقيقها عملا فإنه إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه وتلبس بمعنى قوله عز وجل: {قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}.وأما صوم الخصوص وهو صوم الصالحين فهو كف الجوارح عن الآثام وتمامه بستة أمور:الأول غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله فمن تركها خوفا من الله آتاه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه، وروى جابر عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال خمس يفطرن الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة.الثاني حفظ اللسان عن الهذبان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان.وقد قال سفيان الغيبة تفسد الصوم رواه بشر بن الحارث عنه.وروى ليث عن مجاهد خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب.وقال صلى الله عليه وسلم إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم، وجاء في الخبر أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا فبعثتا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذناه في الإفطار فأرسل إليهما قدحا وقال صلى الله عليه وسلم قل لهما قيئا فيه ما أكلتما فقاءت إحداهما نصفه دما عبيطا ولحما غريضا وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه فعجب الناس من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم هتان صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهم.الثالث كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى سماعون للكذب أكالون للسحت وقال عز وجل لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت فالسكوت على الغيبة حرام وقال تعالى إنكم إذا مثلهم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم المغتاب والمستمع شريكان في لإثم.الرابع كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار.فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه فالصوم لتقليله.وتارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها والحرام سم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره وقصد الصوم تقليله وقد قال صلى الله عليه وسلم كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش. فقيل هو الذي يفطر على الحرام وقيل هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام وقيل هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام.الخامس أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفه فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال.وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره وربما يزيد عليه في ألوان الطعام حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر.ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى وإذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات وأشبعت زادت لذتها وتضاعفت قوتها وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها.فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع بصومه بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوى فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء.وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل وذلك هو الأمر كله ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام وسيأتي له مزيد بيان في كتاب الأطعمة إن شاء الله عز وجل.السادس أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدرى أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها فقد روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون.أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك فقال إني أعده لسفر طويل والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم.فإن قلت فمن اقتصر على كف شهوة البطن والفرج وترك هذه المعاني فقد قال الفقهاء.صومه صحيح فما معناه فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة لاسيما الغيبة وأمثالها ولكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته.فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول وبالقبول الوصول إلى المقصود ويفهمون أن المقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق الله عز وجل وهو الصمدية والاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان فإنهم منزهون عن الشهوات.والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوته ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبتلى بمجاهدتها فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين والتحق بغمار البهائم وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة.والملائكة مقربون من الله عز وجل والذي يقتدى بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل كقربهم فإن الشبيه من القريب قريب وليس القريب ثم بالمكان بل بالصفات.وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الإنهماك في الشهوات الآخر طول النهار ولو كان لمثله جدوى فأي معنى لقوله صلى الله عليه وسلم كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ولهذا قال أبو الدرداء يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف لا يعيبون صوم الحمقى وسهرهم ولذرة من ذوي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغتربين ولذلك قال بعض العلماء كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم.والمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن الآثام ويأكل ويشرب والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق جوارحه.ومن فهم معنى الصوم وسره علم أن مثل من كف عن الأكل والجماع وأفطر بمخالطة الآثام كمن مسح على عضو من أعضائه في الوضوء ثلاث مرات فقد وافق في الظاهر العدد إلا أنه ترك المهم وهو الغسل فصلاته مردودة عليه بجهله ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاؤه مرة مرة فصلاته متقبلة إن شاء الله لإحكامه الأصل وإن ترك الفضل.ومثل من جمع بينهما كمن غسل كل عضو ثلاث مرات فجمع بين الأصل والفضل وهو الكمال وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته، ولما تلا قوله عز وجل: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وضع يده على سمعه وبصره فقال السمع أمانة والبصر أمانة، ولولا أنه من أمانات الصوم لما قال صلى الله عليه وسلم فليقل: إني صائم أي إني أودعت لساني لأحفظه فكيف أطلقه بجوابك فإذن قد ظهر أن لكل عبادة ظاهرا وباطنا وقشرا ولبا ولقشرها درجات ولكل درجة طبقات فإليك الخيرة الآن في أن تقنع بالقشر عن اللباب أو تتحيز إلى غمار أرباب الألباب. اهـ..موعظة: .قال ابن الجوزي: .المجلس الخامس في ذكر الصيام: الحمد لله خالق الدجى والصباح ومسبب الهدى والصلاح ومقدر الغموم والأفراح الجائد بالفضل الزائد والسماح مالك الملك المنجي من الهلك ومسير الفلك والفلك مسير الجناح عز فارتفع وفرق وجمع ووصل وقطع وحرم وأباح ملك وقدر وطوى ونشر وخلق البشر وفطر الأشباح رفع السماء وأنزل الماء وعلم آدم الأسماء وذرى الرياح أعطى ومنح وأنعم ومدح وعفا عمن اجترح وداوى الجراح علم ما كان ويكون وخلق الحركة والسكون وإليه الرجوع والركون في الغد والرواح يتصرف في الطول والعرض وينصب ميزان العدل يوم العرض {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} أحمده وأستعينه وأتوكل عليه وأسأله التوفيق لعمل يقرب إليه وأشهد بوحدانيته عن أدلة صحاح وأن محمدًا عبده المقدم ورسوله المعظم وحبيبه المكرم تفديه الأرواح صلى الله عليه وسلم عليه وعلى أبي بكر رفيقه في الغار وعلى عمر فتاح الأمصار وعلى عثمان شهيد الدار وعلى علي الذي يفتك رعبه قبل لبس السلاح وعلى العباس عمه صنو أبيه أقرب من في نسبه يليه اعلموا أن الصوم من أشرف العبادات وله فضيلة ينفرد بها عن جميع التعبدات وهي إضافته إلى الله عز وجل بقوله عز وجل: «الصوم لي وأنا أجزي به».أخبرنا ابن الحصين بسنده عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله يقول الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك الصوم جنة قال أحمد وحدثنا أحمد بن عبد الملك عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن للجنة بابًا يقال له الريان يقال يوم القيامة أين الصائمون هلموا إلى باب الريان فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب وفي لفظ فلم يدخل منه أحد غيرهم هذان الحديثان في الصحيحين أخبرنا ابن الحصين بسنده عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة قال أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوا فأتيته فقلت يا رسول الله ادع لي بالشهادة فقال اللهم سلمهم وغنمهم قال فغزونا فسلمنا وغنمنا قال ثم أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوًا ثانيًا فأتيته فقلت يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة فقال اللهم سلمهم وغنمهم قال فغزونا فسلمنا وغنمنا ثم أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوًا ثالثًا فقلت يا رسول الله قد أتيتك مرتين أسألك أن تدعو الله لي بالشهادة فقلت اللهم سلمهم وغنمهم يا رسول الله فادع الله لي بالشهادة فقال اللهم سلمهم وعنمهم قال فعزونا فسلمنا وغنمنا ثم أتيته بعد ذلك فقلت يا رسول الله مرني بعمل آخذه عنك ينفعني الله به قال عليك بالصوم لأنه لا مثل له.وكان أبو أمامة وامرأته وخادمه لا يلفون إلا صياما فإن رأوا عندهم نارًا أو دخانا بالنهار في منزلهم عرفوا أن قد اعتراهم ضيف قال ثم أتيته بعد ذلك فقلت يا رسول الله إنك قد أمرتني بأمر وأرجو أن يكون الله عز وجل قد نفعني به فمرني بأمر آخر ينفعني الله به قال اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة أو حط أوقال وحط- شك مهدي- عنك بها خطيئة أخبرنا عبد الوهاب الحافظ بسنده عن أبي بردة عن أبي موسى قال خرجنا غازين في البحر فبينما نحن والريح لنا طيبة والشراع لنا مرفوع فسمعنا مناديًا ينادي يا أهل السفينة قفوا أخبركم حتى والى بين سبعة أصوات قال أبو موسى فقمت على صدر السفينة فقلت من أنت ومن أين أنت أو ما ترى ما نحن فيه وهل نستطيع وقوفًا فأجابني الصوت ألا أخبركم بقضاء قضاه الله عز وجل على نفسه قال قلت بلى أخبرنا قال فإن الله سبحانه قضى على نفسه أنه من عطش نفسه لله في يوم حار كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة قال فكان أبو موسى يتوخى ذلك اليوم الحار الشديد الحر الذي يكاد ينسلخ فيه الإنسان فيصومه واعلم أن للصوم آدابا منها كف النظر واللسان عن الفضول والإفطار على الحلال وتعجيله وأن يفطر على تمر قال وهب بن منبه إذا صام الإنسان زاغ بصره فإذا أفطر على حلاوة عاد بصره ويقول إذا أفطر اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وعليك توكلت ويستحب السحور وتأخيره.وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا كان أحدكم يوما صائمًا فلا يجهل ولا يرفث فإن امرؤ قاتله أو شتمه فليقل إني صائم وقد لا تخلص النية ولا يحصل الأجر أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي بسنده عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر فأما ما يستحب صيامه فقد كان جماعة من السلف يصومون المحرم وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وفي أفراده من حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في صوم يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر من السنة أكثر من صيامه من شعبان كان يصومه كله وفي أفراده من حديث أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذلك صيام الدهر.وفي أفراده من حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام يوم عرفة إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أبواب الجنة تفتح في يوم الاثنين والخميس أخبرنا ابن الحصين بسنده عن أبي سعيد المقبري قال حدثني أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله إنك تصوم لا تكاد تفطر وتفطر لا تكاد تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال أي يومين قلت يوم الاثنين والخميس قال ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ويستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الصيام إلى الله صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وقد كان جماعة من السلف يغتنمون العمر فيسردون الصوم ولا يفطرون إلا الأيام المحرمة وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسرد الصوم وسرده أبو طلحة أربعين سنة وأبو أمامة وسردته عائشة وعروة وسعيد بن المسيب أخبرنا المحمدان ابن عبد الملك وابن ناصر قالا أنبأنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال قرى على أبي علي بن شاذان أخبركم أبو بكر الأرموي القارئ حدثنا أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن يزيد حدثنا عبد العزيز قال قال نافع خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة لهم فمر بهم راع فقال له عبد الله هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة فقال إني صائم فقال له عبد الله في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين هذه الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم فقال الراعي أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر وقال هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجترزها نطعمك من لحمها ما تفطر عليه ونعطيك ثمنها قال إنها ليست لي إنها لمولاي قال فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله قال فلم يزل ابن عمر يقول قال الراعي فأين الله فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم وقد كان بعض السلف يبكي عند الموت فقيل ما يبكيك قال أبكي على يوم ما صمته وليلة ما قمتها فاغتنموا إخواني زمنكم وبادروا بالصحة سقمكم واحفظوا أمانة التكليف لمن أمنكم وكأنكم بالحميم وقد دفنكم وبالعمل في القبر قد ارتهنكم.
|